الساجد لله .
عدد المساهمات : 292 تاريخ التسجيل : 30/10/2010 العمر : 33
| موضوع: الاستدلال بالحديث الضعيف(يجوز ام لا) ...للشيخ صالح آل الشيخ الجمعة 5 نوفمبر 2010 - 22:01 | |
| الاستدلال بالحديث الضعيف ...للشيخ صالح آل الشيخ قال الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله
((وعن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى رسول الله ( فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال، ونهكت الأموال وهلكت الأنعام فاستسق لنا ربّك فإنا نستشفع بك على الله وبالله عليك. فقال رسول الله (: «ويحك أتدري ما تقول؟» وسبَّح رسول الله ( فما زال يسبِّح حتى عُرِف ذلك في وجوه أصحابه ثم قال: «ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحدٍ من خلقه شأن الله أعظم من ذلك ويحك أتدري ما الله؟ إن عرشه على سماواته لهكذا» وقال بأصابعه مثل القبة عليه «وإنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب». رواه أحمد وأبو داود.
[الشرح]
هذا الحديث إسناده فيه ضعف قد تكلم عليه عدد من أهل العلم، لكن ما زال علماء السنة يتتابعون على إيراده، فما خلا مصنف في السنة من إيراد هذا الحديث،
وذلك لدلالته على أمرين معروفين في كلام أهل السنة:
الأول: علو الله جل وعلا. وهذا أمر متواتر وأدلته كثيرة في الكتاب والسنة.
الثاني: أن العرش فوق السماوات. وهذا أيضاً ثابت عندهم وأن العرش ليس في داخل السماوات، وهذا فيه رد على من زعم من الفلاسفة أو المعتزلة أو غيرهم أن العرش له صفة أخرى.
وهذا فيه أيضاً تنبيه على أن العرش له أركان لأنه قال: (وعلى سماواته هكذا) وأشار بيده مثل القبة. فيه رد على بعض الطوائف الضالة في هذا الباب.
المقصود أن الحديث أهل السنة متفقون بلا خلاف بينهم على إيراده في الأدلة، وضعف إسناده لا يعني عدم إيراده في ذلك لأنه اشتمل على أمرين، و
هما علو الله جل وعلا وأن العرش فوق السموات.
والأمر الثالث الذي اشتمل عليه هذا الحديث: هو أن العرش يئط، وهذا لم يأتِ إلا في هذا الحديث، وقد أُيِّد من حيث المعنى من قوله جل وعلا: ?تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ?[الشورى:من الآية5]، ويدل عليه أيضا قوله جل وعلا: ?السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً?[المزمل:18].
لهذا يورد أهل السنة بالاتفاق هذا الحديث، ولا ينظرون إلى ما في إسناده من الضعف أو الجهالة. ... هذا كلام لبعض المتأخرين أن الحديث الضعيف لا يُعمل به في باب العقائد ولا يعمل به في الفقه، هذا كلام للمتأخرين،
أما السلف والأئمة فمنهجهم:
أن الحديث الضعيف لا يُستدل به في أصل من الأصول، بل إما في تأييده أو في فرع من الفروع، هذه عبارة شيخ الإسلام بنصها
قال: أهل الحديث لا يستدلون بحديث ضعيف في أصل من الأصول؛ بل إما في تأييده أو في فرع من الفروع.
يعني: أن أهل الحديث يستدلون بالحديث الضعيف في الفقهيات، وهذا منهج معروف، فالأئمة مالك والشافعي وأحمد ومن صنّف في السنن يحتجون بأحاديث ضعيفة على السنة؛ لأن الحديث الضعيف عندهم خير من الرأي.
وأما في العقيدة فإذا كان الحديث الضعيف أصلاً لم ترد العقيدة إلا في هذا الحديث فإنه لا يُعتمد عليه، لأنه لا يستدل بحديث في أصل من الأصول وتبنى عليه عقيدة؛ بل لا بد أن يكون الحديث صحيحاً.
وفي الحسن خلاف والصواب أن الحسن مثل الحديث الصحيح في الاحتجاج به.
والقسم الثاني: أن يورد الحديث الضعيف في تأييد ما دلَّت عليه النصوص وفي الشواهد، فهذا كل عمل أئمة السنة على ذلك.
فلو نظرت في كتاب العرش لابن أبي شيبة لوجدت أن ثلثه أسانيده صحيحة والباقي وهو أكثر من ستين إسناد ضعيفة؛ لكن لأنها في أصل ثابت اُستدل به.
وهذا عندهم له أيضاً أصل وهو: أن الحديث إذا كان ضعيفاً واشتمل على أشياء منها ما يؤيد الأصل ومنها ما هو جديد فإنهم يستدلون به في التأييد لما ثبت في الأصل، وأما ما انفرد به الحديث الضعيف من الاعتقاد أو من الأمر الغيبي فإنهم لا يثبتونه.
مثل هذا الحديث فإنه اشتمل على أشياء ثابتة، اشتمل على أشياء مؤيدة للنصوص فلا بأس بإيراده وما دل عليه، واشتمل على ذكر الأطيط وهو لم يرد إلا في هذا، لذلك نقول: لا نثبت الأطيط لأجل أنه ما ورد إلا في هذا الحديث.
ونجعل الأطيط في معنى قول الله جل وعلا: ?السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ?[المزمل: من الآية18]، ومعنى قول الله جل وعلا: ?تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ?[الشورى:5] الآية في أول الشورى. ظاهر؟
المتأخرون وخاصة لما نشأت مدرسة أهل الحديث في الهند في القرن الثالث عشر بالغوا في نفي الاستدلال بالحديث الضعيف، ثم ورد هذا إلى البلاد الإسلامية الأخرى، وكثر حتى ظُنَّ أن هذا هو المنهج الصحيح، هذا ليس بمنهج وهو مخالف لطريقة أهل العلم المتقدمة، وطريقتهم هي ما ذكرتُ لك من التفصيل.
فينتبه لهذا ويعتبر منهج حتى ما يضلل المتأخرون أئمتهم وسابقيهم.
هذا بلاء، لأجل هذا الأصل الذي ليس بأصل، وهو أنهم قالوا: لا يحتج بالحديث الضعيف، ظن الظان أن معناه: أن الحديث الضعيف كالموضوع لا قيمة له ألبتة، والاستشهاد به أو الاستدلال به دليل ضعف المتكلم علمياً إلى آخره، هذا ليس بجيد.
نعم ينبغي على من استشهد بحديث ضعيف أن يبين ضعفه إذا كان ضعفه غير محتمَل؛ يعني: لا يقرب من التحسين وأشباه ذلك، فيبين ضعفه ثم يذكر ما فيه من الفوائد بحسب القواعد التي ذكرت لك.
أنت لو رأيت كتب أهل العلم لوجدت أنهم يستشهدون بأحاديث كما ذكرنا لك، اعتبر هذا أو استقرئ هذا بما في كتب أهل الحديث المتقدمة والمتوسطة إلى قرابة هذه الأزمان لوجدت هذا هو المنهج الذي عندهم، كتب التفسير، كتب الحديث، كتب الرقائق، كلها على هذا المنوال.
( شرح كتاب أصول الإيمان الشريط الثاني )
مكتبة الشيخ صالح موقع روح الإسلام . | |
|